قول مضطرب أم لا يوافق قول الأشاعرة ؟

البهيجي

Well-known member
إنضم
16/10/2004
المشاركات
2,562
مستوى التفاعل
96
النقاط
48
العمر
66
الإقامة
العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أقرأ هذه الأيام في تفسير المحرر الوجيز للإمام ابن عطية ( 541 ه) رحمه الله تعالى ، ورأيت إنحيازه لمذهب الأشاعرة في
تأويل الصفات .
ذكر قوله تعالى
يقول في قوله تعالى ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ) المائدة - 64 .

"وقوله" بل يداه مبسوطتان" العقيدة في هذا المعنى نفي التشبيه عن الله تعالى وأنه ليس بجسم ولا له جارحة ولا يُشبه ولا يُكيف ولا يتحيز في جهة كالجواهر(أصحاب الاجسام) ولا تحله الحوادث تعالى عما يقول المبطلون .

ثم اختلف العلماء فيما ينبغي أن يعتقد في قوله تعالى "بل يداه" وفي قوله "بيدي ( ص- 75] و"عملت أيدينا (يس -71) و "يد الله فوق أيديهم" (الفتح -10) و "لتصنع على عيني" (طه -39 ) بأعيننا و"اصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا" (الطور -48) و"كل شيء هالك إلا وجه" (القصص -88 ، ونحو هذا، فقال فريق من العلماء منهم الشعبي وابن المسيب وسفيان رضي الله عنهم : يؤمن بهذه الأشياء وتقرأ كما نصها لله ولا يعن لتفسيرها ولا يشقق النظر فيها.

قال القاضي أبو محمد: وهذا قول يضطرب لأن القائلين به يجمعون على أنها ليست على ظاهرها في كلام العرب فإن فعلوا هذا فقط نظروا وصار السكوت عن الأمر بعد هذا مما يوهم العوام ويتيه الجهلة، وقال جمهور الأمة: بل تفسر هذه الآية على قوانين اللغة و مجاز الاستعارة وغير ذلك من أفانين الكلام .
يتبع .
 
بسم الله الرحمن الرحيم

والله تعالى أعلم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الأستاذ الدكتور خالد السبت حفظه الله تعالى: ( ومن كتب التفسير التي تعنى بالمأثور "المحرر الوجيز" لابن عطية المتوفى سنة 546هـ، وهذا الكتاب اسم على مسمى فهو محرر وهو وجيز، فعبارته وجيزة ومحررة وليس فيه استطرادات، ولا يطغى فيه جانب على جانب، فبعض كتب التفسير تغلب عليه الصنعة التي يتخصص فيها المؤلف، فإذا كان المؤلف مثلاً من أهل العربية وجدت النحو مثلاً والإعراب، أو وجدت الجوانب البلاغية أو وجدت الفقه إذا كان فقيهاً وهكذا، بخلاف هذا الكتاب فإنه يشتمل على جوانب مختلفة مما يحتاج إليه الناظر في التفسير دون أن يطغى جانب على جانب، وقد قال عنه أبو حيان: إنه أجلّ من صنف في علم التفسير، يقول المؤلف -رحمه الله- عن كتابه هذا: إنه لخصه من كتب التفسير كلها، والكتاب سهل العبارة، لا يجد القارئ عنتاً في فهم عبارته، ولا تحتاج عبارته إلى فك، ويورد الآثار مع أنه لا يعد من جملة التفسير بالمأثور، مع أنه يستدل فيه ببعض الأحاديث وبأقوال الصحابة، ويورد بعض أقوال التابعين، وينقل عن ابن جرير كثيراً، ينقل ويناقش، فهو ليس بمجرد ناقل بل هو محرر، وعالم في التفسير، ضليع في العلوم المختلفة، وكثيراً ما يستشهد بالعربية، ويذكر ما يحتاج إليه من قضايا اللغة، وما يتوقف عليه المعنى فيما يتصل بالإعراب، تجد فيه إعرابات، وكذلك القراءات المتواترة والشاذة يوردها ويوجهها، وأما القصص فلا يُعنى بها، وإنما يورد منها أشياء مما يحتاج إليه في فهم المعنى، وينقل عن أهل العلم وينسب كل قول إلى قائله، وهذا ما يعرف اليوم في مناهج البحث بالأمانة العلمية، وأبو حيان ذكر في المقارنة بين هذا الكتاب وبين تفسير الزمخشري أن تفسير ابن عطية أنقل وأجمع وأخلص، أنقل يعني تجد فيه من الآثار والحديث، وأجمع يعني يعتني بالجوانب المختلفة بخلاف الزمخشري فيغلب عليه الجانب البلاغي واللغوي، وأخلص من الآفات والاعتزاليات والانحرافات مع أن المؤلف من الأشاعرة، واتهمه البعض بأنه من المعتزلة، وأن صنيعه أعظم من صنيع صاحب الكشاف؛ لأنه باسم أهل السنة، ولكن هذا الكلام غير صحيح، ويقول عنه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله: إنه -يعني تفسير ابن عطية- خير من تفسير الزمخشري، وأصح نقلاً وبحثاً وأبعد عن البدع، وإن اشتمل على بعضها بل هو خير منه بكثير، بل لعله أرجح هذه التفاسير، وقال: تفسير ابن عطية وأمثاله أتبع للسنة والجماعة، وأسلم من البدعة من تفسير الزمخشري، ولو ذَكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان أحسن وأجمل؛ لأن شيخ الإسلام ينتقد ابن عطية قال: فإنه كثيراً ما ينقل من تفسير محمد بن جرير الطبري وهو من أجل التفاسير وأعظمها قدرا، ثم إنه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف لا يحكيه بحال ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين في مسائل الاعتقاد، يعني يأتي بكلام المتكلمين من الاشاعرة ويترك كلام السلف في الاعتقاد الذي يجده في تفسير ابن جرير، لكن ينقل عن ابن جرير من الآثار والقضايا الأخرى من المعاني دون قضايا الاعتقاد، فهذا ملحظ على هذا الكتاب وهو ظاهر في الكتاب لكن يبقى الكتاب من الكتب الجيدة المفيدة في التفسير، كتاب ملخص يُعني بالجوانب المختلفة )
موقع الأستاذ خالد السبت .
 
عودة
أعلى