علي حسين خلاف
New member
[align=justify]
عادة يقسم العلماء الغيب إلى غيب مطلق وغيب نسبي ، وفي هذا الموضوع أود أن ألفت النظر أن ثمة تقسيما آخر للغيب غير ذائع تقتضيه اللغة ويظهر بوضوح في القرآن الكريم ، ومعرفة أقسام الغيب لها فائدة كبيرة في تفسير الآيات المتعلقة بتلك الأمور المغيبة.
أولا: في اللغة:
قال ابنُ فارسﹴ: (الغين والياء والباء أصلﹲ صحيح يدلُّ على تستُّر الشيء عن العُيون ، ثم يُقاس).
(يقال غَابَ الشيءﹸ يَغِيبﹸ غَيْبــــاﹰ و غَيْبَةﹰ وغِيَابا خلافﹸ شهِد وحَضَر ومنه غَابَتْ الشَّمْس وَغَيرهَا: غربت واستترت عَن الْعين والْغَيْب: خلاف الشَّهَادَة ، وَيُقَال تكلم عَن ظهر الْغَيْب وَسمعت صَوتا من وَرَاء الْغَيْب أي من مَوضِع لَا أرَاهُ).
وقال ابن منظور : (الغيب : الشك، وجمعه غِياب وغُيوب. يقال غَابَ عنه الأمرﹸ غَيْباً، وغِياباً، وغَيْبَةً، وغَيْبُوبةً، وغُيُوباً، ومَغاباً، ومَغِيباً، وتَغَيَّب: بَطَنَ.) وخفي(الوسيط).
وقال الراغب الأصفهاني : (الغَيْبُ: مصدر غَابَتِ الشّمسُ وغيرها: إذا استترت عن العين، يقال: غَابَ عنّي كذا. قال تعالى: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} (النمل: 20) ، واستعمل في كلّ غَائِبٍ عن الحاسّة، وعمّا يَغِيبُ عن علم الإنسان بمعنى الغَائِبِ ، قال تعالى: {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (النمل : 75) ).
ونستخلص من ذلك أنه ثمة نوعان من الغيب (في اللغة) ، غيب بمعنى التواري عن العيون وهو خلاف الشهادة ويخص ما يدرك بالعيون والحس وغيب بمعنى الشك وهو خلاف الدراية ويخص أمورا تدرك بالعقول والفكر .
وسوف نصطلح على تسمية النوع الأول بغيب الشهادة ، وتسمية النوع الثاني بغيب الدراية.
ثانيا في القرآن الكريم:
1- غيب الشهادة
إذا استتر الشيء عن العيون والإدراك الحسي فلم يُشْهَد فهو غيب شهادة من غاب الشيء يغيب غيبا و غيبة وغيابا خلاف شَهِد ، ومن ذلك النوع الغيبﹸ المشار إليه في تلك الآيات :
وكل غيب جاء في القرآن معطوفاً على الشهادة فهو من ذلك النوع ، هذه قاعدة ، كما في قوله تعالى : {وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (التوبة: 94) أي أن رسول الله لا يعلم من أفعالهم إلا ما فعلوه جِهَاراً ، أما رب العزة فيعلم ما شَهِدَه الناس من أفعالهم ويعلم ما أخفوه عن الناس فلم يشهدوه.
2- غيب الدراية
أما إذا خَفِيَ أمر عن العقول فصار الناس لا يدرون به فهو غيب دراية من غاب عنه الأمرﹸ بمعنى خَفِيَ وبطَن (خلافﹸ دُرِيَ) ، ومن أمثلة ذلك النوع في القرآن الغيبﹸ المشار إليه في تلك الآيات :

أولا: في اللغة:
قال ابنُ فارسﹴ: (الغين والياء والباء أصلﹲ صحيح يدلُّ على تستُّر الشيء عن العُيون ، ثم يُقاس).
(يقال غَابَ الشيءﹸ يَغِيبﹸ غَيْبــــاﹰ و غَيْبَةﹰ وغِيَابا خلافﹸ شهِد وحَضَر ومنه غَابَتْ الشَّمْس وَغَيرهَا: غربت واستترت عَن الْعين والْغَيْب: خلاف الشَّهَادَة ، وَيُقَال تكلم عَن ظهر الْغَيْب وَسمعت صَوتا من وَرَاء الْغَيْب أي من مَوضِع لَا أرَاهُ).
وقال ابن منظور : (الغيب : الشك، وجمعه غِياب وغُيوب. يقال غَابَ عنه الأمرﹸ غَيْباً، وغِياباً، وغَيْبَةً، وغَيْبُوبةً، وغُيُوباً، ومَغاباً، ومَغِيباً، وتَغَيَّب: بَطَنَ.) وخفي(الوسيط).
وقال الراغب الأصفهاني : (الغَيْبُ: مصدر غَابَتِ الشّمسُ وغيرها: إذا استترت عن العين، يقال: غَابَ عنّي كذا. قال تعالى: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} (النمل: 20) ، واستعمل في كلّ غَائِبٍ عن الحاسّة، وعمّا يَغِيبُ عن علم الإنسان بمعنى الغَائِبِ ، قال تعالى: {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (النمل : 75) ).
ونستخلص من ذلك أنه ثمة نوعان من الغيب (في اللغة) ، غيب بمعنى التواري عن العيون وهو خلاف الشهادة ويخص ما يدرك بالعيون والحس وغيب بمعنى الشك وهو خلاف الدراية ويخص أمورا تدرك بالعقول والفكر .
وسوف نصطلح على تسمية النوع الأول بغيب الشهادة ، وتسمية النوع الثاني بغيب الدراية.
ثانيا في القرآن الكريم:
1- غيب الشهادة
إذا استتر الشيء عن العيون والإدراك الحسي فلم يُشْهَد فهو غيب شهادة من غاب الشيء يغيب غيبا و غيبة وغيابا خلاف شَهِد ، ومن ذلك النوع الغيبﹸ المشار إليه في تلك الآيات :
- {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (البقرة: 133) , فهذا الحدث هو غيب شهادة لمن لم يشهده .
- {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} (آل عمران: 44) أي ما كنت لديهم شهيدا أو حاضرا .
- {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} (يوسف: 102)
- {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} (الكهف: 51)
- {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} (الزخرف: 19)
وكل غيب جاء في القرآن معطوفاً على الشهادة فهو من ذلك النوع ، هذه قاعدة ، كما في قوله تعالى : {وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (التوبة: 94) أي أن رسول الله لا يعلم من أفعالهم إلا ما فعلوه جِهَاراً ، أما رب العزة فيعلم ما شَهِدَه الناس من أفعالهم ويعلم ما أخفوه عن الناس فلم يشهدوه.
2- غيب الدراية
أما إذا خَفِيَ أمر عن العقول فصار الناس لا يدرون به فهو غيب دراية من غاب عنه الأمرﹸ بمعنى خَفِيَ وبطَن (خلافﹸ دُرِيَ) ، ومن أمثلة ذلك النوع في القرآن الغيبﹸ المشار إليه في تلك الآيات :
- {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا *** عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (الجن: 25،26)
- {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} (الأحزاب: 63)
- {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى } (عبس: 3)
- {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آَذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} (الأنبياء: 109)
- {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ } (الأنبياء: 111)
- {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا }(الجن: 10)
والله أعلم
[/align]