وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرًا، وبارك فيكم.
سألت شيخنا (الشيخ أبو رفعت، محمد "علي" بن محمد بن عثمان(1)) عن هذه المسألة، فقال:
"أولًا: لم يرِدْ نَصٌّ عنِ المتقدِّمين -بحسب علمي- في اختلاف مِقدار التفخيم والترقيق بين غُنَّة الإخفاء والحرفِ الذي يتبعُها.
ثانيًا: بناء على ما تقدّم، فإنّ هذه المسألة مسألة ذوقية، ومن ناحية صوتية فإنَّ التَفْخِيمَ تسمين الصَّوت بحيث تَسمعُ له صدًى، وهذا التسمين يعتمد على حجم الفراغ، فعند قولك: ((مِ
ن طِين))، يختلف عن قولك: ((مِ
ن قَبل))، ويختلف عن: ((مَ
نظُور))، وليس هذا في الأحرف المختلفة فحَسْب، بل في الحرف الواحد باختلاف الحركات العارضة عليه؛ إذِ الفراغ بين اللسان وقبة الحنك الأعلى يختلف باختلاف الحروف، وباختلاف الحركات العارضة لها، فالتفخيم في : ((ومَن قَال)) أكبر منه في: ((عَن قِبلتهم)). ألا ترى أنَّك تتكلَّفُ في إخراج الحرف عند التفريق في درجة التفخيم بين غُنَّة الإخفاء والقاف؟! لأنَّ الإخفاء فيه تحضير لمخرج الحرف الذي بعد الغنة، والتكلّف يتأتّى في أن تنتقل من الغنّة المفخَّمة إلى ما هو أقل تفخيمًا.
ثالثًا: إنَّ الاهتمام بالأداء أولى من شغل الأذهان بهذه المسائل التي نجد كُتُبَ المتقدِّمين قد ترفعت عن الخوض في كثير منها -ويشبهها مسألة القلقلة في الحرف المتحرّك، ومن يقول بوجود أصل القلقلة(2)-، فتعدادها يتعب، ولا ثمرة تُجْنى مِنْ تتَبُّعها، ولا بُدَّ ألا تُعطى هذه الأمور أهميّة قُصوى؛ لأنَّ ذلك انعكَس -تِلقائيًّا- على الواقع الأدائي، فتجد أنّ السنين الأخيرة لم تُخرج لنا قرّاء يوازون ضخامة القرَّاء الجهابذة، أمثال: (الحصري، والمنشاوي، وعبد الباسط) -رحمهم الله-؛ لأنهم تأهَّلوا دون الخوض في مثل هذه التفاصيل، واهتموا بالأداء"انتهى.
قلت: قرأت على الشيخ-حفظه الله- بالتفريق بين درجات التفخيم. وهذا الذي كتبته من فهمي لكلام الشيخ بشيء من التصرّف، وقد عرضت بعضه على الشيخ ووافق على نشره، وفقكم الله جميعًا لما يُحِبُّه ويرضاه.
____________________
(1) ترجمة الشيخ:
المشاركة رقم (58) من الموضوع التالي:
http://vb.tafsir.net/forum20/thread25117-3.html#post165218
(2) وقد زادنا الشيخ فوائد في المسألة فقال:
"إن كان فيها أصل القلقلة، فما لنا إذن نقول في (أحطتُ)، و(بسطتَ)، بأنَّ صفة القلقلة تسقط للإدغام، مع أنَّها ساكنة؟! ثُمَّ يأتي من يقول بأن أصل القلقلة موجودة في المتحرِّك!! فلِمَ لا نقول أنَّها موجودة في "طاء" (أحطتُ)، و(بسطتَ)؟! ومن العجيب أنَّ سيبويه اختار أنَّ القلقلة ليست إلا في الساكن الموقوف عليه، فكيف يأتي من يقُول: إنَّ أصلها موجود في المتحرِّك؟!"انتهى (بتصرف).