علة حديث: (خلق الله التربة يوم السبت)

إنضم
13/05/2025
المشاركات
46
مستوى التفاعل
7
النقاط
8
الإقامة
صنعاء - اليمن
علة حديث: (خلق الله التربة يوم السبت)

روى الإمام مسلم في صحيحه (2789) من طريق ابن جُريج قال: أخبرني إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: (خلق الله عز وجل التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة، في آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل)، وروى هذا الحديث أحمد بن حنبل في مسنده (8341) والنسائي في السنن الكبرى (10943) وابن خزيمة في صحيحه (1731) وابن حبان في صحيحه (6161) وغيرهم، كلهم من طريق ابن جُريج به، ورواه النسائي في السنن الكبرى (11328) من طريق الأخضر بن عجلان عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة، ورواية الأخضر عن ابن جريج خطأ، فقد خالف ثقتين هما حجاج بن محمد وهشام بن يوسف رويا الحديث عن ابن جريج عن إسماعيل عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة ، والصواب قولهما، يُنظر: الأنوار الكاشفة للمعلمي (ص: 192) وتحقيق مسند أحمد للأرناؤوط (14/ 83).

وروى الحاكم حديث التربة في كتابه معرفة علوم الحديث (ص: 33) بإسناد ضعيف جدًا من طريق إبراهيم بن أبي يحيى، قال إبراهيم: شبك بيدي صفوان بن سليم، وقال صفوان: شبك بيدي أيوب بن خالد الأنصاري، وقال أيوب: شبك بيدي عبد الله بن رافع، وقال عبد الله: شبك بيدي أبو هريرة، وقال أبو هريرة: شبك بيدي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، وقال: (خلق الله الأرض يوم السبت، والجبال يوم الأحد، والشجر يوم الاثنين، والمكروه يوم الثلاثاء، والنور يوم الأربعاء، والدواب يوم الخميس، وآدم يوم الجمعة). قلت: إبراهيم بن أبي يحيى متروكٌ عند كثير من المحدثين، ضعفه غير واحد من علماء الحديث، وبعضهم كذَّبه، وبعضهم وثقة، والأرجح ضعفه، فقد كان يروي أحاديث ليس لها أصل، يُنظر ترجمته بتفصيل في ميزان الاعتدال للذهبي (1/ 57 - 61)، وأيوب بن خالد سيأتي ذكر من ضعَّفه، ولم يُخرج له مسلم إلا هذا الحديث الواحد فقط، وهو مقل جدًا، ليس له في الكتب التسعة إلا أربعة أحاديث فقط، أحدها حديث التربة الذي رواه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده.

وحديث التربة رجح الإمام البخاري أنه لا يصح، وأنه من الإسرائيليات، قال الإمام البخاري في التاريخ الكبير (1/ 413): "روى إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد الأنصاري عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله التربة يوم السبت)، وقال بعضهم: عن أبي هريرة عن كعب، وهو أصح".

وروى هذا الحديث البيهقي في الأسماء والصفات (812) ثم قال: "هذا حديث قد أخرجه مسلم في كتابه، وزعم بعض أهل العلم بالحديث أنه غير محفوظ؛ لمخالفته ما عليه أهل التفسير وأهل التواريخ، وزعم بعضهم أن إسماعيل بن أمية إنما أخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى عن أيوب بن خالد، وإبراهيم غير محتج به"، ثم روى البيهقي عن علي ابن المديني أنه قال: "ما أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا عن إبراهيم بن أبي يحيى". قال البيهقي: "وقد تابعه على ذلك موسى بن عُبيدة الربذي عن أيوب بن خالد إلا أن موسى بن عُبيدة ضعيف، وروي عن بكر بن الشرود عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم عن أيوب بن خالد، وإسناده ضعيف، والله أعلم".

وقال المُلا علي القاري في الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة (ص: 456، 457): "حديث أبي هريرة: (خلق الله التربة يوم السبت ...) الحديث هو في صحيح مسلم، ولكن وقع الغلط في رفعه، وإنما هو من قول كعب الأحبار، كذلك قال إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير، وقاله غيره من علماء المسلمين أيضًا، وهو كما قالوا؛ لأن الله أخبر أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وهذا الحديث يتضمن أن مدة التخليق سبعة أيام!".

وقال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (17/ 235، 236): "وأما الحديث الذي رواه مسلم في قوله: (خلق الله التربة يوم السبت) فهو حديث معلول، قدح فيه أئمة الحديث كالبخاري وغيره، وقال البخاري: الصحيح أنه موقوف على كعب الأحبار، وقد ذكر تعليله البيهقي أيضًا، وبينوا أنه غلط، ليس مما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مما أنكر الحذَّاق على مسلم إخراجه إياه كما أنكروا عليه إخراج أشياء يسيرة".

وقال ابن كثير في تفسيره (1/ 215): "هذا الحديث من غرائب صحيح مسلم، وقد تكلم عليه علي بن المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ، وجعلوه من كلام كعب، وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار، وإنما اشتبه على بعض الرواة فجعلوه مرفوعًا، وقد حرر ذلك البيهقي".

وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيق مسند أحمد (14/ 82): "الأصح أن هذا الحديث موقوف على كعب الأحبار، وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم".

وممن رجح القول بعدم صحة حديث: (خلق الله التربة يوم السبت)، وأنه من الإسرائيليات: العلامة ابن القيم وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء، كما في فتوى وقَّع عليها: عبد العزيز بن باز وعبد العزيز آل الشيخ وعبد الله بن غديان وبكر أبو زيد وصالح الفوزان. يُنظر: فتاوى اللجنة الدائمة - 2 (1/ 10).

وبعض العلماء رجحوا صحة حديث التربة، ووجهوه بما لا يخالف القرآن الكريم كالعلامة عبد الرحمن المعلمي في كتابه القيم الأنوار الكاشفة (ص: 188 - 193)، والدكتور عبد القادر السندي في رسالته إزالة الشبهة عن حديث التربة، ومحدث العصر الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (4/ 449، 450).

والأقرب قول من رجَّح أن الحديث من الإسرائيليات، ويؤيد ذلك ما رواه ابن منده في كتاب التوحيد (1/ 183) من طريق أبي حاتم الرازي قال: حدثنا عمرو بن عون قال: حدثنا خالد بن عبد الله عن سليمان الشيباني عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أخيه [كذا، وصوابه: عن أبيه] عبد الله بن عتبة قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن في الجمعة لساعة لا يسأل الله عز وجل عبد فيها شيئًا إلا أعطاه)، فقال عبد الله بن سلام: إن الله عز وجل ابتدأ الخلق، فخلق الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق السموات يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، وخلق الأقوات وما في الأرض من شيء يوم الخميس ويوم الجمعة، وفرغ من ذلك صلاة العصر، فتلك الساعة ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس. رواه جماعة عن سليمان الشيباني منهم أبو حمزة السكري، ورواه ابن أبي ذئب وابن عجلان وغيرهما عن سعيد المقبري عن أبيه عن عبد الله بن سلام قوله. انتهى كلام ابن منده. وإسناده الأول صحيح عن أبي هريرة، وفيه التمييز بين الحديث المرفوع وقول عبد الله بن سلام، وإسناده الثاني أيضًا صحيح عن عبد الله بن سلام، ورواه البيهقي في الأسماء والصفات (810 ) من طريق محمد بن بكير الحضرمي قال: حدثنا خالد عن الشيباني به من قول عبد الله بن سلام كما رواه ابن منده، فهذه الرواية تبين أن أصل حديث التربة من الإسرائيليات، نقله عبد الله بن سلام وكعب الأحبار، وقد كانا من اليهود فأسلما، وفي قول عبد الله بن سلام تفصيل الخلق في ستة أيام لا في سبعة أيام، وهذه الرواية أولى من رواية أيوب بن خالد التي جعلها مرفوعة، وذكر فيها تفصيل الخلق في سبعة أيام، فلعل أحد الرواة أخطأ في رواية الخبر الإسرائيلي، فذكره بما يخالف رواية عبد الله بن سلام، والله أعلم.

وقد ضعف بعض العلماء حديث التربة لتفرد أيوب بن خالد بروايته، وهو راو فيه لين، ولم يخرج له مسلم إلا هذا الحديث فقط، وقيل: أيوب بن خالد اثنان: أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري، وأيوب بن خالد بن صفوان الأنصاري، قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (1/ 401): "أيوب بن خالد بن صفوان بن أوس بن جابر الأنصاري ... فرَّق أبو زرعة وأبو حاتم بين أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري يروي عن أبيه عن جده، وبين أيوب بن خالد بن صفوان، وجعلهما ابن يونس واحدًا. قلت: وسبب ذلك أن خالد بن صفوان والد أيوب أمه عمرة بنت أبي أيوب الأنصاري، فهو جده لأمه، فالأشبه قول ابن يونس، فقد سبقه إليه البخاري، وذكره ابن حبان في الثقات، ورجحه الخطيب، وقال الأزدي: أيوب بن خالد ليس حديثه بذاك، تكلم فيه أهل العلم بالحديث، وكان يحيى بن سعيد ونظراؤه لا يكتبون حديثه".

وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (2/ 1064): "أيوب بن خالد بن صفوان بن أوس الأنصاري النجاري المدني، نزيل برقة، عن: أبيه، وجابر، وزيد بن خالد الجهني، وعبد الله بن رافع مولى أم سلمة. وعنه: عمر مولى غفرة، وإسماعيل بن أمية، وموسى بن عبيدة، ويزيد بن أبي حبيب. وهو راوي حديث: (خلق الله التربة يوم السبت) الذي رواه مسلم".

وقال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب (ص: 118): " أيوب بن خالد بن صفوان بن أوس بن جابر الأنصاري المدني، نزيل برقة، ويعرف بأيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري، وأبو أيوب جده لأمه عمرة، فيه لين".

فتبين بهذا أن حديث التربة لا يصح لثلاثة أمور:

1 - أيوب بن خالد تفرد به، وفيه لين كما قال ابن حجر، ونقل الأزدي تضعيف أهل الحديث له، وأن يحيى بن سعيد القطان وغيره من المحدثين كانوا لا يكتبون حديثه لضعفه، فالقلب لا يطمئن لتفرده بمثل هذا الحديث، لا سيما مع مخالفة روايته لما جاء عن عبد الله بن سلام من قوله .

2 – أنه ورد ما يدل على أن أصل هذا الكلام من الإسرائيليات، وليس من قول النبي عليه الصلاة والسلام، وتقدم تصحيح البخاري أنه من قول كعب، والبخاري واسع الرواية والمعرفة بعلل الحديث.

3- مخالفته لظاهر القرآن الكريم، ففي حديث التربة أن خلق الأرض والنور وغير ذلك تم في سبعة أيام، وقد أخبرنا الله سبحانه أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام، لا في سبعة أيام، ولو سَلِم الحديث من العلتين السابقتين لأمكن التوفيق بينه وبين ظاهر القرآن الكريم كما فعل ذلك من صحح الحديث من أهل العلم.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.​
 
جزاكم الله خير الجزاء

وأيضاً متن الحديث خالف القرآن في القول بخلق النبات قبل النور، وعلمياً النبات بحاجة لضوء الشمس للبناء الضوئي، وهذه العلاقة العلمية يحترمها القرآن ويذكرها في أكثر من موضع؛

1. قال تعالي {وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }الجاثية5.
الآية فيها دليل على أهمية الليل والنهار لعملية الإنبات، فقد جعل الله إحياء الأرض بالرزق النازل من السماء، وقدم عليه ذكر عُنصر آخر لم يكن معلوم في زمن النبي صلي الله عليه و سلم، له أهمية خاصة في إحياء الأرض وإنبات النبات، وهو اختلاف الليل والنهار، قال الشوكاني في فتح القدير ( قوله { وما أنزل الله من السماء من رزق } معطوف على إختلاف الليل و النهار، والرزق المطر، ومنفعة رزق السماء للنبات معطوفة علي منفعة اختلاف الليل و النهار، و لا تتم إلا به، ولذا ربط الله بينهما (انتهى بإختصار).

2. ربما قال قائل لعل هذا الربط السابق بين تعاقب الليل والنهار هو من قبيل الصُدفة، ولعل الآية لم تقصد الربط بين اختلاف الليل و النهار و مسألة إنبات النبات !!!
فأقول وبالله التوفيق، لو كان صُدفة لما جاء في القرآن إلا مرة واحدة، ولكن هذا الربط تكرر أيضاً في آية البقرة {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، وبث فيها من كل دابة}.

فقدم الله في هذه الآية أيضاً ذكر إختلاف الليل والنهار على ذكر إنزال الماء وإحياء الأرض بعد موتها ثم بث الدواب، فبدون الشمس وتعاقب الليل والنهار لن يكون هناك إنبات، لحاجة النبات لعملية البناء ضوئي للحصول على الطاقة اللازمة لجميع عملياته الحيوية، وباقي دواب الأرض تعتمد على النبات كمصدر أساسي للطاقة حيث لا يستطيع الحيوان أخذ طاقته من الشمس مباشرة وهذا أمر معلوم في السلسلة الغذائية.

3. واليكم الدليل الفصل على أن اخراج نبات الأرض (المرعى) لم يتم إلا بعد خلق الليل والنهار، وخلق السماوات بأجرامها، وذلك في سورة النازعات (ءَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا. رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا. وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا. وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا. أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا).

يقول الطبري نقلا عن ابن عباس في إخراج المرعى بعد بناء السماء وإخراج ضحاها
)أن الله خلق السماوات والأرض، فلما فرغ من السماوات قبل أن يخلق أقوات الأرض فيها بعد خلق السماء، وأرسى الجبال، يعني بذلك دحْوَها الأقوات، ولم تكن تصلح أقوات الأرض ونباتها إلا بالليل والنهار).
 
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا جزيلا للدكتور محمد المطري وجزاك الله خيرا لهذا التفصيل الدقيق.

احب ان اطرح مداخله حول هذا الموضوع وهي كالتالي:
قرأت هذا الحديث .. وانا شخصياً اجد فيه تناقض كبير مع ما ورد بالقران الكريم وكذلك مع العلوم القائمة وذلك للحقائق التالية:-
1- الحقيقة الأولى:
بحسب تقسيم وتصنيف الموارد الطبيعية الى ثلاث مجموعات ( المواد العضوية - المواد اللاعضوية - المواد العضوية واللاعضوية) صنفت التربة على انها من المواد (العضوية واللاعضوية) ليس ذلك فحسب بل هي المادة الوحيدة المصنفة بهذا التقسيم حيث تشير المواد العضوية الى جميع الكائنات الحية، بينما المواد اللاعضوية فتشير الى المواد الغير عضوية مثل المعادن والاملاح والرمل والاحجار وغيرها.
لماذا صنفت بهذا التصنيف؟
ذلك لأنها تتضمن بقيا من المواد العضوية وهي بقايا المواد المترسبة من الكائنات الحية.. وكذلك تتضمن مواد من المعادن والاملاح والرمل وخلافها وهي مواد مترسبة من الصخور وبقية العناصر الكيميائية، هذا الامر جعل منها تربة صالحة للزراعة، عملية تكون التربة تطلبت وقت طويل.

2- الحقيقة الثانية:
خلقت الأرض في يومين وما زالت السماء دخان، ولم تقدر اقواتها وارزاقها الا في الأيام الأربعة اللاحقة، لقوله تعالى (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)).
أي ان الأرض خلال اليومين الأولى لازالت في طور التكوين، رغم ان خلقها اكتمل لكن لم تظهر قشرتها الأرضية الا في الأيام الأربعة اللاحقة والمشار اليها في الآية بقوله ( وجعل فيها رواسي من فوقها ) والرواسي كما اشرت بموضوع طرحته سابقاً في هذا الموقع الى انها تعني القشرة الأرضية وليس الجبال فالجبال ذكرها الله بالقران باسمها بنحو 34 مرة ومن ضمنها قوله تعالى (والجبال ارساها) وهذا لا يعني ان الجبال هي الرواسي فالله سبحانه وتعالى دقيق في اختيار المسميات واللفظ .. فالجبال يسميها بمسماها الجبال اما الرواسي ذكرت 9 مرات بالقران الكريم .. وهذا العدد متناسب مع عدد صفائح القشرة الأرضية المكتشفة (كبيرة ومتوسطة) والبالغ مجموعها تسع مع اهمال الصغيرة، كلمة رواسي هي صفة توضح حال القشرة الأرضية من الرسو والطفو اي انها راسية على سطح الأرض لان ما تحت صفائح القشرة الأرضية ليس ثابت اصلن.

الاستنتاج:
من هذا المنطلق وبحسب الآيات السابقة نستنتج ان القشرة الأرضية وما تحتويه من تراب لم تخلق الا في الأيام الأربعة اللاحقة.

واذا افترضنا صحة الحديث فلن يكون المقصود بالتراب هو التراب بالمعنى الحرفي ولكن قد يقصد به طبقات الأرض التي تكونت منها القشرة الأرضية والتراب الذي نعرفه لاحقا،

مع ذلك لا يزال هذا الحديث محل جدل فحسب الحديث يفترض ان خلق ادام كان في اخر يوم (يوم الجمعة) بينما تشير علوم الجولوجيا بان عمر الأرض يمتد لملايين السنين ومرت بأكثر من عصر مثل العصر الجليدي والطبشوري وخلافة، وتحدد العلوم بان تاريخ الانسان على الأرض يمتد الى نحو 70 الف سنه، واذا افترضنا ان خلق ادم تم بالفعل في اخر يوم وهو يوم الجمعة فهذا يعني ان ادم عليه السلام وامنا حواء عاشا في الجنة لمدة طويله جدا قبل ان يتم انزالهم الى الأرض، ولا اظن ان هذا ما حدث،
خلق ادم تم يوم الجمعة للحديث الوارد في صحيح مسلم (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة؛ فيه خلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة" ويوم الجمعة اخر يوم في خلق السماوات ليس بالشرط والضرورة ان يكون هو نفس يوم الجمعة الذي خلق الله فيها ادم وانزل فيها.

من ناحية أخرى هل يقصد باليوم يوم من أيامنا نحن ام يوم من أيام الله سبحانه وتعالى الذي تعادل الف سنه مما نعد .. فلو كان اليوم بألف سنه فكيف نسمي اليوم الأول من الخلق الذي امتد لألف عام بيوم السبت، بينما الأيام لدينا هي أسبوعية فالسبت يوم، ويوم الجمعة يوم وفيه خلق الله ادم.
هذا الحديث سبب حالة من الارباك لعلماء الجيولوجيا والفلك حيث ان افتراض نزول ادم عليه السلام في اخر يوم من خلق السماوات والأرض ... أي اليوم السادس يجعل عمر الكون والأرض لا يتجاوز 14 يوم أي أربعة عشر الف سنه ( سته أيام لخلق السماوات والأرض + اقدم حضارة مكتشفة قبل الميلاد 5000 سنه+ 2000 سنة بعد الميلاد)

تقبلوا خالص التقدير
وليد احمد الغشم
 
عودة
أعلى