ما الستر في قول الله تعالى: {لم نجعل لهم من دونها سترا}؟

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24 ديسمبر 2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
ما السِّتْرُ في قول الله تعالى:
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا} [الكهف: 90]
كُلَّمَا مَرَرْتُ بهذه الآية يَـمُرُّ بخاطري تأويل العلماء لـ [السِّتر] فأَمْضِي في التلاوة غير رَاضٍ عن التأويل، مُسَلِّمًا لهم، مُنْتَهِياً عن رَدِّ كلامهم رغم عدم اقتناعي به، واليوم أَبَتْ نفسي إلا الوقوف عند الآية والنظر والبحث في تأويلها.

الستر في المعاجم: هو الإخفاء، والغطاء، والحجاب.
تأويل علماء التفسير:
لا تكاد تجد علماء التفسير يخرجون عن هذه التآويل:
كان هؤلاء القوم يعيشون في أرض لا يستقر فوقها بناء، فهم لا بيوت لهم، فكانوا يُؤْوُون إلى الكهوف يَسْتَتِرُونَ بها مِنْ حَرِّ الشمس، فإذا غَرَبَتْ الشمس خرجوا لِمَعَاشِهم، وقال بعضهم: كانوا حُفَاةً عُرَاةً لا ثِيَابَ لهم تَسْتُرُهم وتَقِيهم حَرَّ الشمس، ومِنْ غَريبِ تأويلهم قَوْلِ بعضهم: كان هؤلاء القوم يدخلون في الماء يَغُوصُونَ فيه يَسْتَتِرُون به مِنْ حَرِّ الشمس، فإذا غَرَبَت خرجوا لِمَعَاشِهِم.
رأي الباحث:
الرد على تآويل المفسرين:
  • أما تآويل شيوخنا الأفاضل رحمهم الله فإنَّ قلبي لا يَقْبَلُها، فإنْ كان هؤلاء القوم يُؤْوُونَ إلى الكُهُوف فإنَّ الكُهُوفَ سِتْرٌ لهم مِنَ الشمس، والآية تقول: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا}.
  • أما إن كانوا حُفَاةً عُرَاةً أَفَلَا يَـجِدُونَ حَوْلَهُم شَجَرا أو جِبَالا أو كُهُوفا يَسْتَظِلُّونَ بها.
  • أما قولهم بدخولهم الماء يَسْتَتِرُونَ فيه مِنَ الشمس فهذا ما لا يقبله العقل.
ولقد أخذتُ أَبْـحَثُ لَدَى بعضِ الْمُفَسِّرين الْمُحْدَثِين، وكيف تَأَوَّلُوا [السِّتر] في الآية، فَوَجَدتُهم قد سَارُوا علَى نَهْجِ السابقين، اللهم إلا السَّعْدِيّ -وهو رحمه الله يُعَدُّ مِنَ الْمُحْدَثِين؛ فقد تُوُفِّيَ 1376ه- فقد ذَكَرَ لَطِيفَةً عَابِرَةً، قال رحمه الله: "أي: وَجَدَهَا تَطْلُعُ علَى أُنَاسٍ لَيْسَ لهم سِتْرٌ مِنَ الشمس، إمَّا لِعَدَمِ اِسْتِعْدَادِهم في الْمَسَاكِن، وذلك لِزَيَادَةِ هَمَجِيَّتِهم وتَوَحُشِّهم، وعَدَمِ تَـمَدُّنِهم، وإمَّا لِكَوْنِ الشمس دَائِمَةً عِنْدَهم، لا تَغْرُبُ عنهم غُرُوباً يُذْكَر"[1].
وبعد:
إنَّ الآية تَقُصُّ عَلَيْنَا بَعْضَ رحلات ذي القرنين عليه السلام وهو يضرب في الأرض ينشر دين الله، فهَاهُوَ قد قَطَعَ الأرضَ حتى بَلَغَ مَشْرِقَها، وهناك وَجَدَ قَوْمًا تُشْرِقُ عليهم الشمسُ ولا يَسْتَطِيعُونَ السِّتَرَ منها، فلا شَيْءَ يَـحْجُبُ الشَّمسَ عنهم، فَهِيَ عِنْدَهم قَائِمَةٌ دَائِمَةٌ مُشْرِقَةٌ لا تَغِيب.
ومِنَ الْمَعْلُوم أنَّ في الأرض مَنَاطِقَ تُشْرِقُ عليها الشمسُ شُهُوراً طَوِيلَةً لا تَغِيبُ طَوالَ فَتْرَةَ الصَّيْفِ، وعادة ما تكون هذه المناطق قريبا من القطب الجليدي، في بلاد النرويج، وفي السويد، وأيسلندا، والسويد وغيرها.
فَلَعَلَّ ذا القرنين عليه السلام قد بَلَغَ بَعْضَ هذه الْمَناطِق، ووصَل إليها في فترة الصيف الطويل الذي لا تغيب فيه الشمس، فإنَّ هذا هو التأويل الأقرب للآية ولِمَعْنَى {لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا}، وهو التأويل الأقرب للعقل.

في اليوتيوب:
وقد بحثتُ في اليوتيوب لَعَلِّي أَجِدُ مَنْ أَوَّلَ هذه الآية، واِلْتَفَتَ إلى هذه النُّكْتَة، فَوَجَدْتُ الشيخ الشعراوي رحمه الله ذَكَرَهَا ذِكْراً عَابِراً مَعَ تَآوِيلِ العلماء، ثم وَجَدتُ فيديو لإمام مِنَ النرويج حيث خرج يوما بعد صلاة التراويح من المسجد، وصَوَّرَ لنا فيديو نرى فيه قُرْصَا الشمس والقمر كليهما معا، كُلٌّ منهما في ناحية من السماء، ومما قال هذا الإمام: إنَّ الشمس تَظَلُّ مُشْرِقَةً طُوالَ فَتْرَةِ الصيف لا تغيب، ولَعَلَّ هذا تأويل لِرِحْلَةِ ذي القرنين نحو الْمَشْرِق في قول الله تعالى من سورة الكهف: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا} [الكهف: 90].
وهذا رابط فيديو الإمام النرويجي:
https://www.youtube.com/watch?v=oyipSzdLWyo

والله أعلم
د. محمد الجبالي



[1] السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، الطبعة : الأولى 1420هـ -2000 م، مؤسسة الرسالة، ص486.
 
بارك الله فيك يا شيخ
هذا الموضوع كنت قد بحثت فيه منذ سنوات وقد توصلت الى تأويلات أخرى مع أنني لا أذكر جيداً المصادر التي وجدتها فيها إلا أني أظن أنها كانت في أبحاث عن الإعجاز العلمي وقد ثبت في ذاكرتي ثلاث من التأويلات التي أظن أنها الأقرب الى المقصود من الآية وهي كالتالي :
1 / من الممكن أن يكون المقصود بالساتر من الشمس هو السحاب والغيوم وهذا راجع لأنهم قوم سكنو مكان شديد الإرتفاع عن مستوى سطح البحر لذالك السحاب لا يحجب عنهم الشمس أبداً ، ومثال على ذالك في زمننا الحاضر مدينة الحطيب في اليمن وقرية ماتشو بيتشو في البيرو .
2 / ومن الممكن أن يكون المقصود بالساتر من الشمس هو طبقة الأوزون وهذا راجع إلى أن فوق منطقتهم ثقب طبيعي في الآوزون يجعل أشعة الشمس فوق البنفسجية الخطيرة تمر إليهم مباشرة مما يضر بهم .
3/ ومن الممكن أن يكون المقصود بالساتر من الشمس هو صبغة الميلانين وهي صبغة ينتجها الجسم بشكل طبيعي وهي المسؤولة عن لون الجلد والعينين والشعر حيث أن هذه الصبغة تحمي الجسم من أضرار أشعة الشمس خاصة الأشعة فوق البنفسجية والمصابين بنقص أو فقدان هذه الصبغة يصبحون حساسين لأشعة الشمس بشكل كبير .
والله أعلم .
 
جزاك الله خير
الاحظ شروق الشمس شتائا في الشمال حيث لاجبال لانني اباري البحر ربما وغروبها ايضا من نفس المكان ولكن غربا
صباحا مع صفاء الشمس وبزوغها الخفيف على العين بحيث يمكن النظر اليها مباشره دون نظاره شمسيه
كاني المسها مباشره بدون طبقات هواء متفاوتت الضغط وانواع الغازات
بعكس نظري لها عند الغروب مع امكانية النظر لها بدون نظارات شمسيه ايضا
طبقات هواء متفاوت الكثافه واللون يحلق حول الشمس
-فلربما كانت منطقة يسهل النظر فيها للشمس من البزوغ وحتى الغروب لخفتها فليس بيننا وبينها مايضخم شعاعها
بالضرورة انها بارده لانه لاوسط ناقل لحرارتها ولا مضخم لاشعتها
وكما اشرت انت فيما يتعلق بطبقة الاوزون

والله اعلم
 
عودة
أعلى