بنت اسكندراني
New member
بسم1
بين فينة وأخرى يباغتك أحدهم بسؤال بسيط في مفرداته، صعب في سبر أغواره، يباغتك به سائلك وهو محسن الظن بك، وتراه يستحثك لتجيب بالإثبات لا بالنفي، لكنك ومع المفاجأة تظل في مربع السؤال لا تقوى قدمك أن تخطو بك نحو الإجابة بحال.
(هل تحفظ القرآن؟)
سؤال ما أثقله! وما أنكده على مسمعك! سؤال تحيرك الإجابة عليه في كل مرة، خاصة إن كنتَ مثلي من المقصرين، فثمة معان مختلفة ومقاييس متباينة يمكن أن يقاس بها السؤال، وبناء عليها سيُبنى الجواب.
فهل المقصود بالسؤال: هل تحفظ القرآن كله؟ أم هل حفظت القرآن يوما؟ فالأخير يسأل عن الماضي، والأول يفتش عن الحاضر.
وهل يا ترى المقصود بالسؤال: هل تحفظ القرآن وتستحضره باتقان لتجيب ب (لا)؟ أم يمكنك أن تجيب ب (نعم) رغم أنك بالكاد تحفظه وتستحضره؟ وهل يمكن أن تجيب ب (نعم) لكونك من أهل القران المنشغلين بحفظه وإن خالط ذلك تقصير وتكاسل؟
إجابتك ب (نعم) إجابة مشكلة، وإجابتك ب (لا) إجابة مجحفة!، وأنت بين هذا وذاك يلجمك الصمت، وتعصف بك الحيرة، ولو أن المقام يحتمل أن تجيب السائل بصدق وانصاف فستجد نفسك تُسهب له في الجواب لتقول: لقد أتيت على الجرح يا سائلي؛ فسؤالك عميق عمق غياهب النفس، فضفاض يصعب معه أن تُحدد ملامح جسد الحقيقة المتوارية خلفه.
نعم.. لقد مررتُ على آيات القرآن كلها حفظا، ثم إني لم أجمعه!، فكلما أنهيتُ منه بضعة أجزاء وشرعتُ فيما بعدها؛ تكابلتْ علي انشغالات الحياة وتخاطفتني، فلا أنتهي من بضعة أجزاء أخرى إلا وقد أُنسيتُ الأولى أو أكاد، ثم إن بين جنبيّ - يا صاحبي - نفسا ملولة كسولة؛ سرعان ما تستسلم أمام العقبات، وتملّ تعاهد الحفظ بعد التفلّت والنسيان، وسرعان ما تراها تنغمس في ملذات الحياة؛ تلهو مع اللاهين، وتنشغل مع المنشغلين، لكنها - وفي أثناء لهوها وانشغالها بالحياة - يعكر بهجتها ويخالط نشوتها شعور بالحزن والانكسار على حالها وتقصيرها مع كتاب الله؛ فلا هي عُدّتْ من اللاغين المشغلين بأهوائهم تمام الانشغال، ولا هي اصطفت بجوار المحسنين المنشغلين بحفظ ومراجعة كتاب الله بحزم واتقان، فلله المشتكى وهو وحده المستعان.
يا سائلي.. نحن الواقفون في منتصف الطريق بين ال (نعم) وال (لا)، نحن المسيئون إلى أنفسنا وقد تذبذبت بنا الطرق بين هؤلاء وهؤلاء، نحن الظالمون لأنفسنا المفوتون للخير، نحفظ وننسى، ونعاود الحفظ ثم ننشغل ونفتر، ثم ننسى، ونظل هكذا بين اقبال وإدبار، وهمة وتقصير، ورغم ما أفصحتُ لك من سوء حالنا مع كتاب الله؛ فقد أحسن الله لنا أيما إحسان، فأمطرنا بفضله من البركات التي يمطر بها أهل كتابه، وسترنا بجميل ستره، وجعلنا ممن يشار اليهم بالبنان فيقال: هذا من أهل القرآن!.
فهل أدركت الآن - أيها الفاضل - كم كان سؤالك محزنا ثقيلا على نفسي؟!.
فاللهم كما أنعمتَ علينا بجميل سترك؛ أتمم علينا باتقان حفظ كتابك، واجعلنا ووالدينا وأزواجنا وذرياتنا وجميع أحبتنا من العالمين العاملين بكتابك، واعف عنا ما كان منا من تقصير ونسيان، واجعلنا من أهل كتابك الذين هم أهلك وخاصتك، وأحسن خاتمتنا، واحشرنا برحمتك مع عبادك المحسنين.
بين فينة وأخرى يباغتك أحدهم بسؤال بسيط في مفرداته، صعب في سبر أغواره، يباغتك به سائلك وهو محسن الظن بك، وتراه يستحثك لتجيب بالإثبات لا بالنفي، لكنك ومع المفاجأة تظل في مربع السؤال لا تقوى قدمك أن تخطو بك نحو الإجابة بحال.
(هل تحفظ القرآن؟)
سؤال ما أثقله! وما أنكده على مسمعك! سؤال تحيرك الإجابة عليه في كل مرة، خاصة إن كنتَ مثلي من المقصرين، فثمة معان مختلفة ومقاييس متباينة يمكن أن يقاس بها السؤال، وبناء عليها سيُبنى الجواب.
فهل المقصود بالسؤال: هل تحفظ القرآن كله؟ أم هل حفظت القرآن يوما؟ فالأخير يسأل عن الماضي، والأول يفتش عن الحاضر.
وهل يا ترى المقصود بالسؤال: هل تحفظ القرآن وتستحضره باتقان لتجيب ب (لا)؟ أم يمكنك أن تجيب ب (نعم) رغم أنك بالكاد تحفظه وتستحضره؟ وهل يمكن أن تجيب ب (نعم) لكونك من أهل القران المنشغلين بحفظه وإن خالط ذلك تقصير وتكاسل؟
إجابتك ب (نعم) إجابة مشكلة، وإجابتك ب (لا) إجابة مجحفة!، وأنت بين هذا وذاك يلجمك الصمت، وتعصف بك الحيرة، ولو أن المقام يحتمل أن تجيب السائل بصدق وانصاف فستجد نفسك تُسهب له في الجواب لتقول: لقد أتيت على الجرح يا سائلي؛ فسؤالك عميق عمق غياهب النفس، فضفاض يصعب معه أن تُحدد ملامح جسد الحقيقة المتوارية خلفه.
نعم.. لقد مررتُ على آيات القرآن كلها حفظا، ثم إني لم أجمعه!، فكلما أنهيتُ منه بضعة أجزاء وشرعتُ فيما بعدها؛ تكابلتْ علي انشغالات الحياة وتخاطفتني، فلا أنتهي من بضعة أجزاء أخرى إلا وقد أُنسيتُ الأولى أو أكاد، ثم إن بين جنبيّ - يا صاحبي - نفسا ملولة كسولة؛ سرعان ما تستسلم أمام العقبات، وتملّ تعاهد الحفظ بعد التفلّت والنسيان، وسرعان ما تراها تنغمس في ملذات الحياة؛ تلهو مع اللاهين، وتنشغل مع المنشغلين، لكنها - وفي أثناء لهوها وانشغالها بالحياة - يعكر بهجتها ويخالط نشوتها شعور بالحزن والانكسار على حالها وتقصيرها مع كتاب الله؛ فلا هي عُدّتْ من اللاغين المشغلين بأهوائهم تمام الانشغال، ولا هي اصطفت بجوار المحسنين المنشغلين بحفظ ومراجعة كتاب الله بحزم واتقان، فلله المشتكى وهو وحده المستعان.
يا سائلي.. نحن الواقفون في منتصف الطريق بين ال (نعم) وال (لا)، نحن المسيئون إلى أنفسنا وقد تذبذبت بنا الطرق بين هؤلاء وهؤلاء، نحن الظالمون لأنفسنا المفوتون للخير، نحفظ وننسى، ونعاود الحفظ ثم ننشغل ونفتر، ثم ننسى، ونظل هكذا بين اقبال وإدبار، وهمة وتقصير، ورغم ما أفصحتُ لك من سوء حالنا مع كتاب الله؛ فقد أحسن الله لنا أيما إحسان، فأمطرنا بفضله من البركات التي يمطر بها أهل كتابه، وسترنا بجميل ستره، وجعلنا ممن يشار اليهم بالبنان فيقال: هذا من أهل القرآن!.
فهل أدركت الآن - أيها الفاضل - كم كان سؤالك محزنا ثقيلا على نفسي؟!.
فاللهم كما أنعمتَ علينا بجميل سترك؛ أتمم علينا باتقان حفظ كتابك، واجعلنا ووالدينا وأزواجنا وذرياتنا وجميع أحبتنا من العالمين العاملين بكتابك، واعف عنا ما كان منا من تقصير ونسيان، واجعلنا من أهل كتابك الذين هم أهلك وخاصتك، وأحسن خاتمتنا، واحشرنا برحمتك مع عبادك المحسنين.
بقلمي/ حفصة اسكندراني
حرر 8 رجب 1440هـ
حرر 8 رجب 1440هـ